كتبت: بسملة محمود حسن
بدأ الامر حين أخبرتني صديقتي أنها تستعد لأستقبال طفلها الأول، كان الخبر سعيد لكِلا الأسرتين ولأصدقاء والدين المستقبل.
أن نستقبل مولود الآن لم يعُد بالامر السهل أبدًا
في ظل تطور الكون وتدخل عوامل غير مرحب بها في التربية كالسوشيال ميديا وانشغال كلا الأبوين بالعمل فــلم يعُد العمل قاصر علي الاباء فقط.
لقد شعرت بالضجر من فكرة تربية طفل صغير أكثر من صديقتي التي كانت قاب قوسين أو أدني من تولي مسؤلية طفل كاملة.
و لأكن صريحة إن نجحت في تربية ابنائي في المستقبل سيكون عليهم شُكرها هي وعزيزنا الصغير الذي جعل اجراس الخطر تدق في عقلي.
بحركات غير إرادية وددت ان اُساعد صديقتي وافهم ما تشعر به من تقلبات الحمل، لكن سرعان ما انجرفت قدمي في بئر كلما اكتشفته كلما غرقت به أكثر.
انضممت لجروبات الامهات بسرعة البرق، تلك تسأل ابنها يبلغ من العمر ثلاثة اسابيع ، كم ساعة عليه ان ينام؟
وكم مره يستيقظ؟
وتلك تسأل عن ابنتها التي تُعاني من مرحلة التسنين وماذا عليها ان تفعل؟
لحظة!!!
لم يكن الأمر بالسهل، هل علي متابعة فترات نوم احدهم يومًا؟
لكن ماذا إن ورث حُب السهر من والدته؟
وهل علي مراقبة اسنانه/ا حتي اتأكد إن كان صراخة بسبب الم في لثته؟
وحين يبكي أكون أنا كالعرافة واخمن هل يعاني من:
أرق /ملل/مريض/جائع/تؤلمة معدتة/يحتاج إلي تغير ملابسة!!!!!
كـشخص يقف علي الشاطئ يبدو لي إن البحر مخيف وسأهلك لا محالة.
ولم يقتصر الامر علي جروبات الامهات العربية بل تسللت إلي الجروبات الاجنبية (تعلمون لدينا طريقين مختلفين في التربية نحن كعرب وهم كغرب) أي طريق يُساعد في مروري سليمة من مرحلة التخمين هذه سأعبرة بأقصي سرعة.
لن اضطر ان اقول ان فكر الأم العربية التي تري نفسها مؤهلة لأستقبال طفل، غير فكر الأم الغربية التي تري نفسها لا تسطتيع تحمل مسؤلية استقبال حيوان آليف لذا تقرأ اكثر وتتعلم اكثر لأنها تري ان الامر صعب وليس سهل، يمكنك ان تشبه كلا الفريقين بفريق إعتاد إلي الوصول لكأس العالم، وفريق لم يتعدي حدود دولته.
في بداية الأمر اعتقدت أني الوحيدة من تفعل هذا، الي ان تفاجأت بتعليق فتاة تبلغ من العُمر 12 عاما على احدي صفحات (التوعيه الإيجابية لتربية الاطفال) تقول فيه: أبلغ من العُمر 12 عاما واتابع الصفحة كي اربي ابنائي تربية صحيحة في المستقبل، بل وتعرض مشكلة اختها الصغيرة لكي تُساعد امها في تربية اختها تربية صحيحة خالية من اي شائبة يمكن ان تتذكرها الصغيرة في المستقبل.
اذًا، لم أكن أنا الوحيدة الخارجة عن المألوف، هناك من يري إن التربية ومسؤلية طفل صغير ليست بالسهلة وتحتاج إلي تدريب و وعي أكثر.
هل الجيل المستقبلي من الأمهات رأي ان الموضوع لا يقتصر علي، تغير ملابس، وتحضير طعام، وتدفئة الجو، وان الموضوع اكبر من إن تعتبر نفسك مستعد له؟؟
هل مع افتتاح العالم وتحويلة الي قرية صغيرة(بل الي غرفة كبيرة كأقصي حد) تحولت أمهات العرب تتبني افكار غير المعتاد عليها؟؟
ربما نعم، وربما ايضًا ساعد ان تتبني امهات الغرب فكرة ان تستقبلي طفل صغير، يمحو صعوبتها طفل صغير يشبهك بالتصرفات والشكل.
أم تضرر الجيل الحالي من طرق تربية قديمة، جعل الأمهات المستقبلية تتوخي الحذر من الوقوع في نفس ذات البئر؟؟؟
في غض البصر عن السبب والتركيز علي الفعل، علينا الاعتراف ان الفعل قوي والأمر يستحق إن تُكلف نفسك وتقرأ اصغر كتاب وُجِد للتربية قبل ان تستقبل مولودك الأول.
أظُن ان فكرة ان توضع/ي في موقف مع ابنك المستقبلي ويقول اُريد ان اربي ابنائي بنفس ذات الطريقة التي رباني بها ابي وامي، فكرة ان يراك ابناؤك مثال يحتذي به في التربية الإيجابية أمر يستحق المعاناة.
رأيت صورة (سأرفقها مع المقال) تُشبة الابناء بالفخار والاباء بالفخارين يوجد بجانب الصورة الفخاره الأولي (الابن الأول) وشكله غير مهندم وغير متقن، والاباء يقومون بصنع الفخارة الثانيه (الابن الثاني) ويقولون لقد اصبحنا محترفين الآن.
إن حللنا الصورة من حيث التشبيه فهي متقنه جداً، لا يمكنك ترك الفخار يهندم نفسه بنفسه بل دائما يحاوطه الفخاري بيده حتي لا يلتوي، ولا يفسد شكله، حال تربية الابناء كهذا لا يمكنك توقع انهم سيكبرون بأنفسهم وانك في حين وضعت لهم القوانين سيمشون عليها، عليك ان تحاوطهم بالمحبه كي لا يجدون مخبأ الاسرار في صديق قد يكون غير وفي أو صديق سوء يقودهم الي افعال و مشاكل لن تُحب ان يتورط بها ابنائك.
وإن حللنا الصورة من حيث النتيجة فهي كارثية!!!
ان تفقد إتقان تربية ابنك الأول فقط لانك لم تهتم بأن تتعلم الفخار قبل ان تبدأ في عمله، ان يوجد انسان يشعر بأنه ليس كافي او انه ليس بالجيد فقط لأنه كان تجربه اولي لابويين لم يكلفوا انفسهم بتعلم معلومة عن التربية، كما تعلموا طرق لتخفيف الحرارة المرتفعه وعدد الملابس الضرورية كي لا يبرد الطفل.
معلومة وحيده عن التربية وتفادي الطرق الذي كانت تضايقك في والديك (تلك الطرق الذي لم تسلك غيريها رغم اعتراضك عليها في حين طُبقت عليك) ستساعدك في ان تُجمل فخارتك الأولي.
قرأت ذات مره فتاة اخري تقول (ليه الاباء بيحاولوا يعملوا كل اللي في جهدهم عشان منعيطش ومنزعلش واحنا من عمر يوم ل3 سنين وبعدين بيبقي عادي بالنسبالهم، مين قالهم اني هحاسبهم علي حاجه انا مش فاكره عملوها ولا لأ في حين هبقي فاكره هما عملولي ايه في الاعمار الاكبر من ال3 سنين دول)
كوجة نظر حديثها منطقي، دائما ما يحاوط الاباء الابناء بالاهتمام حتي يتعلموا المشي والحديث وبعد ذلك يتركوهم بدون رأفه وحنيه ويتحدثون معهم ككبار وكمسؤلين عن افعالهم(طفل بعمر الاربع سنوات يحاول يقطف وردة او يحاول إن يمسك حشرة، هو ليس قذ.ر هو يريد ان يعرف نوع الحشرة ولا يعلم ان الورد به شوك مهمتك كأب وأم ان تعرفه ان الحشرات مضرة وان الورد جميل جدا ورائحته ذكيه لكنه يملك شوك كي يحميه) طفلك يكتشف ولا يريد ان يخالف اوامرك او ان يكون عنيد، طفلك اساسا لا يعرف معني العند.
لن اقول إن امهات الزمن القديم كانوا فاشلين لأن اغلبهم لم يقرأ عن التربية، الامومة فطريه بحت لا تحتاج الي تعلم، لن تحتاج الام ان يقول لها احد أنه حين يتأذي طفلها عليها ان تشعر بالم في قلبها، لأنها ستشعر بهذا دون ان يعلمها احد.
لكن امهات الزمن القديم لم يكن لديهم مؤثرات خارجيه تشاركهم التربية دون أذن حتي، لم ينتشر التلفاز والحاسوب والهواتف الخلوية والانترنت الا في القرن الأخير، واعتقد الجميع رأي ويري وسيري تأثيرهم في تربية الابناء.
الامومة فطريه، وكذلك الجوع فطري، والعطش فطري، إذا لماذا حاول الانسان جاهدا ان يغير الطعام باكتشافه للنار وان الطعام يمكنه ان يُطهي، ويمكنك اضافة منكهات جديدة ليتغير طعمه ويصبح اذكي واشهي، وكذلك العطش، لم يكتفي الانسان بأن يشرب الماء، بل حول بعض الفواكه لمشروبات واخترع وسيخترع مشروبات لا حصر لها، اما ان تهتموا بتطوير الفطرة ككل، واما لا تجعلوا بطوننا تتلوي من الجوع باختراعكم الاطعمه الشهيه يكفينا ما لدينا من اطباق.
من اصعب المشاعر ان يندم شخص إنك والده او والدته، ويتمني انه لو بإمكانه اختيار ابويين غيركم.
واخيرًا
كونوا النصيب الأجمل في حياة ابنائكم واجعلوهم يشكرون ربهم انهم ابنائكم انتم وليس ابناء لغيركم، كونوا النصيب الأجمل لهم لأنهم لم يختاروكم بارادتهم، بل انتم من اخترتم ان تكونوا اباء في هذا الوقت دون تعلم.
تعليقات
إرسال تعليق